تحدي العمارة 2030: هل نحن مستعدون للمستقبل المستدام؟

13 يوليو 2025

يُعد قطاع البناء والتشييد أحد أكبر المساهمين في انبعاثات الكربون العالمية، حيث يمثل ما يقرب من 40% من إجمالي الانبعاثات السنوية. في مواجهة هذا التحدي البيئي، برز “تحدي العمارة 2030” كمبادرة عالمية رائدة تهدف إلى تحويل البيئة المبنية من مصدر رئيسي لانبعاثات الغازات الدفيئة إلى حل محوري لأزمة المناخ. تسعى هذه المبادرة إلى إحداث تغيير جذري في طريقة تصميم المباني وتشييدها وتشغيلها، لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

 

أهداف تحدي العمارة 2030

أطلقت منظمة Architecture 2030 تحدي العمارة 2030 بهدف طموح يتمثل في جعل جميع المباني الجديدة والتجديدات الكبرى محايدة كربونيًا بحلول عام 2030. هذا يعني أن المباني يجب أن تحقق صفر انبعاثات كربونية تشغيلية، وأن تعتمد بشكل كامل على مصادر الطاقة المتجددة، سواء كانت مولدة في الموقع أو خارجه. في عام 2005، تم تحديد أهداف تدريجية لخفض انبعاثات الكربون على مدى 25 عامًا، ولكن البيانات العلمية الحديثة أوضحت أن عام 2030 قد يكون متأخرًا جدًا لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية لميزانية الكربون العالمية. لذلك، يتم تسريع التحدي ليتطلب تصميم جميع المباني الجديدة والتجديدات الكبرى لتكون محايدة كربونيًا اليوم.

 

متطلبات تحقيق الحياد الكربوني في المباني

يتطلب تحقيق صفر انبعاثات من الإنشاءات الجديدة مبانٍ ذات كفاءة عالية في استهلاك الطاقة، لا تستخدم أي وقود أحفوري في الموقع، وتعتمد بنسبة 100% على الطاقة المتجددة. يشمل ذلك:

تحسين كفاءة الطاقة: تصميم المباني لتقليل الطلب على الطاقة من خلال العزل الفعال، التوجيه الأمثل، واستخدام أنظمة تكييف وتدفئة عالية الكفاءة.

مصادر الطاقة المتجددة: دمج أنظمة الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، أو غيرها من المصادر المتجددة لتلبية احتياجات الطاقة المتبقية.

تقليل الكربون المتجسد: التركيز على استخدام مواد بناء ذات انبعاثات كربونية منخفضة أو صفرية، مثل الخرسانة الخضراء، الفولاذ المعاد تدويره، والخشب من مصادر مستدامة.

تحديات إضافية: التخطيط والكربون المتجسد

 

بالإضافة إلى تحدي المباني، يتضمن تحدي العمارة 2030 تحديات أخرى حاسمة:

تحدي العمارة 2030 للتخطيط: يهدف هذا التحدي إلى تحقيق تخفيضات كبيرة في استهلاك الطاقة والمياه والانبعاثات في المناطق الحضرية، من خلال مبادرات يقودها القطاع الخاص مثل شبكة مناطق 2030 (2030 Districts Network) 

تحدي العمارة 2030 للكربون المتجسد: يركز هذا التحدي على تقليل الانبعاثات الكربونية المرتبطة بإنتاج مواد البناء وعمليات التشييد. وقد أدى هذا التحدي إلى إنشاء مجتمع قيادة الكربون (Carbon Leadership Community) وتطوير لوحة مواد الكربون الذكية (Carbon Smart Materials Palette) لتوجيه التصميم والبناء نحو خيارات منخفضة الكربون.

 

في مناطق مثل الخليج والشرق الأوسط، حيث يرتفع استهلاك الطاقة بشكل كبير لأغراض التبريد، يمثل تحدي العمارة 2030 فرصة فريدة لتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية. إن التحول نحو مبانٍ خضراء لا يوفر التكاليف التشغيلية فحسب، بل يساهم أيضًا في تخفيف الضغط على شبكات الطاقة الوطنية ويعزز من مرونة المدن. مع تزايد المشاريع الكبرى المرتبطة بالرؤى الوطنية مثل رؤية السعودية 2030 ومبادرات المدن الذكية، يصبح تبني معايير تحدي العمارة 2030 ضرورة استراتيجية للمكاتب الهندسية المحلية.

 

إنّ تحدي العمارة 2030 ليس فقط مجموعة من الأهداف، بل هو دعوة للعمل الجماعي لتحويل البيئة المبنية نحو مستقبل أكثر استدامة. ويتطلب تحقيق هذه الأهداف التزامًا من جميع الأطراف المعنية، من المصممين والمهندسين إلى صانعي السياسات والمطورين. 

المصادر:

[1] Architecture 2030 - Why the Built Environment. Retrieved from

https://www.architecture2030.org/ 

[2] Architecture 2030 - The 2030 Challenges. Retrieved from

https://www.architecture2030.org/the2030challenges/